جميلة هي الطفولة ....
ما أجمل تلك الطفولة .... التي تنشر البسمة و الأفراح و السعادة
ما أجمل تلك الطفولة .... التي حين تلبس ثوب الكبار فتظهر براءة الأطفال
ما أجمل تلك الطفولة .... التي عنونها قلوب بيضاء و الأبتسامة الوضاء
دائما نفرح بوجود الأطفال بيننا
في البيت .... في الشارع .... في كل مكان
و دائما ما تمتلك بسمات الأطفال قوة سحرية
تزيل الدموع و أحزان زمان
دائما نبحث عن تلك الطفولة
كي نتأكد أن هناك شئ جميل منير
في زمن غلب عليه ظلام حالك
دائما هي تسعدنا الطفولة
و خاصة بالنسبة لي ...
فيومي كان رفيق تلك الطفولة اليوم ...
بدأته من طفل لم يتجاوز التاسعة ...
صعد على سريري و بدأ يداعبني و يقول بصوت عالي ...
" يلا يا أحمد ..... أنت هتنام للظهر و لا إيه ....! "
رغم أن الساعة لم تتجاوز السادسة صباحا
بيد أنه تلبس في لباس أمي حين توقظني
بأبتسامتها الجميلة و جفونها السوداء التي تظهر سهرها طوال الليل
أبتسمت له و أحضتنته و قبلته
ثم أفلت من يدي حين أستيقظ أبي
لعله يدرك المصروف قبل فوات الأوان ..... هههههههه
جهزت حالي و أنطلقت نحو كليتي
و لم أصعد بعد للسيارة
فإذ بصوت رقيق جميل يصرخني بأسمي
فألتفت فإذ بطفلة الأربعة أعوام .... قريبة لي
أبتسمت لها و أحضتنتها
فسألتني " هو أنت زاهب للمدرسة ..؟! "
ضحكت و قلت " أه "
قالتلي ..... " طيب متنساش الحلواة بتاعتي ... "
أبتسمت و أجبتها أنني لن أنسى
أنطلقت في طريقي
حامدا ربي أنه أصبحني على وجوه البرائة و أبتسامة الصباح
انهيت فرضي في الجامعة
و في طريقي للبيت
وجدت طفلة لم تتجاوز الخامسة
تجلس على إحدى درجات سلم الكوبري
تطلب الصدقة و الاحسان
زهل عقلي و انتفض فؤادي
هل هذة طفلة ...؟!
تفحصتها ..... فوجدتها ...
وجه أبيض جميل و عيون عسلية الألوان
وضعت حجابها البنفسجي بإحكام على شعرها
التي ظهرت خصلاته الصفراء
و عباء كتلك التي عند جدتي
بنفسجية الألوان منقوشة بأزهار
و تلبس جوارب حشرت فيها أرجلها من برد الصباح
و شبشب أنقرض تواجده من زمان
تفحصت حالها جيدا ...
فلا يظهر عليها ملامح الشحاذين الصغار
فانا كثيرا ما أراهم ليل نهار
هؤلاء رسم على وجوهم بؤس الزمان و حاجاته البغضاء
و ملابسهم بعيدة عن التناسق و الألوان
أم هذة كأن هناك من يعتني بلباسها الفقير
و وجهها يدل أنها ليست من هذا الكار
و لكنه ذكرني بوجه عشقه قلبي و في الذكريات لم ينسى
ذكرتني بوجه أختي الجميلة
رحمها ربي و رحم تلك الصغيرة
سألتها .... لماذا تجلسين هنا ؟! "
أجابتني .... " أنا على باب الله ...."
أحقرت تلك الكمات فؤادي
و أراد العين الدموع و لكني حبستها في خشوع
فأطرقت يدي في جيبي
و أخرجت لها دارهم معدودة
لعلها تستكفي ..... أو لعل من يستعبدها يستكفي
أدرت ظهري لها
و انا أدعوا لها ... بأن يخلص طفولتها من قضبان هذا الزمان
و أدعوا لمن تركها هكذا .... بالعذاب في الدنيا و الأخرة
ظلت صورتها تراودني طوال الطريق
و لم تغب عنب حتى هذا الحين ......
رحم الله الطفولة
أم يكفيها أنها سبب وجود العصاة و الكافرين على قيد الحياة
و أن رحمة الله بها هي من تنزل المطر للعالمين
أم يكفيها أن تمحي أحزان سنين
لم يستطع أحد أن يمحها مهما طالت السنون
ثم نأتي ...
و نحبسها داخل قضبان من حديد
و حارسه البغيض يظهر لها بنظرة المنتصر الوعيد
" غدر الزمان " ، " ظلام فيه من الأشباح كل شكل و لون "
0 التعليقات:
Leave a Comment